responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 385
(يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) هذه الجنات والأعناب والزروع والنخيل يسقى بماء واحد، وتزرع فى قطع متجاورة من الأرض، ثم تختلف بعضها عن بعض فى الطعم، فمنها الحلو ومنها الحامض، ومنها المز، ومنها المر.
أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس قال: «هذا حامض وهذا حلو، وهذا دقل وهذا فارسى» [1]، بل إن الصنف الواحد من النبات قد يزرع فى الأرض المتجاورة ويسقى بالماء الواحد، ثم يختلف طعم بعض ثمراته عن بعض.
ويقول علماء النبات: إن ذلك الاختلاف يرجع إلى طبيعة الجنين المستقر فى البذور، وما ينجم عنه من جذور تمتد فى باطن الأرض، ثم تمتص منها ما يناسب هذا الجنين ويوافق أطوار حياته، حتى ينمو ويصير شجرة كاملة تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها، فما يمتصه جنين الفول من أجزاء الأرض غير ما يمتصه جنين القمح من هذه الأجزاء ولو فى نسب العناصر المختلفة، وما يمتصه العنب غير ما يمتصه الخوخ والتفاح، وهكذا فسبحان من أعطى كل شىء خلقه ثم هدى.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) إن فى هذه العجائب جميعا: لدلائل على قدرة الخالق وعظمته، لقوم يستخدمون عقولهم فى إدراك الحقائق وتعرفها.

[لطيفة]
ومن دقائق البلاغة فى الآيات الكريمة: الإشارة إلى مراتب الاعتقاد فى تدرج وتلطف، فإن النظر فى عوالم السماوات والعرش والشمس والقمر كما هو فى الآية الثانية من السورة، يؤدى إلى اطمئنان القلب، وحسن اليقين، ولذلك ختمها بقوله: (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).
والتأمل فى عوالم الأرض ومدها، وما فيها من جبال وأنهار، وصلتها بغيرها من العوالم؛ تلك الصلة التى تظهر فى تعاقب الليل والنهار، يؤدى إلى: يقظة الفكر، وجودة النظر، ولذلك ختمها بقوله: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

[1] رواه الترمذى مرفوعا (3117) عن أبى هريرة رضى الله عنه، وقال: حسن غريب. وابن جرير (13/ 69). انظر: جامع الأصول (2/ 201).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست